العودة إلي الجذور بقلم جمال بربري
آثار تعزيز السلام في جيل الشباب
الحل في العودة إلى الجذور..
«عِش ودع غيرك يعيش».. المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي.
أربع كلمات تلخِّص فلسفة حياة، وترسم ملامح كيف يمكن للوئام والسلام أن يسودا.
في صعيد مصر الموغل بعيدًا في الجنوب جغرافيًّا، وفي التاريخ عمرًا، كانت هناك جلسة (قعدة عرب) يحتكم إليها الناس في فض النزاعات، دون الحاجة إلى أن تطرق تلك النزاعات أبواب المحاكم وأروقتها.
ثَمَّةَ حكيم يتوسَّط طرفي النزاع، يستمع إلى حججهما، ثم يقرر حكمًا لا رجعة فيه.. وعلى أطراف المجلس ثَمَّةَ شبان يتعلَّمون في مدرسة الحياة، ويكتسبون التجارِب.
تلك طريقة تقليديَّة قديمة، لكنها ذات جدوى، وربما يقابلها اليوم اللجوء إلى التحكيم، وهو أسلوب يفترض أن تُقارَع الحجة بالحجة، والبرهان بالبرهان، وكلاهما يحتاج إلى الحوار.. والحوار لا بُدَّ من أن يفضي إلى سلام.
هذا الحوار الذي يفترض أن يطلق سيكون عماده الشباب؛ فهم محور السلام وهم مستقبله، وأدواته كذلك.
منذ عام 2015، اعترفت الأمم المتحدة بالدور المفصلي للشباب وأعطتهم الأولويَّة في منع نشوب النزاعات وحلها، وفي عام 2018، دعا مجلس الأمن إلى إدماجهم في مفاوضات اتفاقيات السلام، وأطلقت المنظمة الأممية بعد ذلك بعثات في اتجاهات عدة، حيث تدور رحى النزاعات، فعلى سبيل المثال: عززت قدرات 150 منظمة من منظمات المجتمع المدني الشبابيَّة، ما أدى إلى إنشاء «سفراء السلام»، كما دعمت 22 مجتمعًا بمشاريع صغيرة، وأنشأت مركزًا لإصلاح الأحداث في جنوب السودان، وأطلقت شبكة لجنة العلاقات المجتمعيَّة للشرطة في جوبا، وأنشأت في قبرص منظمة أبطال الشباب من أجل السلام والبيئة، ونشطت مع الشباب كذلك في الكونغو الديمقراطية وكوسوفو وأفريقيا الوسطى وبنين والصحراء الغربية ولبنان، وغيرها.
التفاوض والحوار أسلوبان تقليديان لإحلال الوئام، وحين يمسك الشباب بتلابيبهما، علينا أن نثق بأن السلام آتٍ لا محالة، وبأن العيش المشترك ليس ضربًا من الخيال بل هو واقع سوف تعيشه الأمم..
يؤمن الشباب - ربما أكثر من غيرهم - بمقولة أرنولد توينبي: «عِش ودع غيرك يعيش»؛ لذا أعطوهم المفاتيح، حتى مع الأبواب التقليديَّة، وانتظروا؛ لأنها ستُفتح حتمًا.
العودة إلي الجذور بقلم جمال بربري