قلوب الأمهات مُدن لا تنام
بقلم ... نورا عواجه
نعم لا تنام !!
فيها من الصخب والضجيج ما يستحيل معه النوم وإن أغمضت جفونها هاربة من واقع أليم ، فمن المعروف عن قلب الأم أنه يحوى من الحب والحنان والرحمة والتضحية ما يجعله دائما يقدم مصلحة الأبناء والبيت على نفسه وهى راضية تمام الرضا . بل وعلى إستعداد لبذل الكثير والكثير من الجهد والعناء حتى تنال نظرة رضا وحب من عيون أبنائها ولا تبالى ، لأن الهدف الذى تسعى لأجله أهم وأسمى بالنسبه لها ،
هى لا تنتظر بالتأكيد أى شكر أو تقدير من أحد ، بل ترى إنها دائما مقصرة فى حقهم
ولو نظرنا لنماذج من تضحيات الأمهات
نحتاج أعمار فوق عمرنا لإستيعاب ما ضحت به الأم وماتضحى لكى تصل إلى هدفها المنشود ، ولكن !!
هل الأبناء يدركوا هذا جيداً ويشعرون به ؟!
أم إنه أصبح شيء عادى وروتين يومى بالنسبه لهم .
كتعاقب الليل والنهار مثلاً و1+1=2 ،
وإلى يجوع بياكل وإلى يعطش بيشرب (شفيق يا راجل )
هل قلوب الأبناء تحمل بداخلها من الحب والحنان والرأفة ما يجعلهم يشفقوا على قلوب أمهاتهم ؟!
إنتبهوا أيها الأبناء من الجنسين .فقلب الأم كما يحمل من الحب والحنان والتضحية يحمل أضعافهم من الألم والحزن ، ويحمل من الجراح والحرمان ما لا عين رأت ولا أذن سمعت خاصة الأمهات التى تحملت المسؤولية وحدها وفرضت عليها الحياة والظروف أن تكون أم وأب فى وقت واحد ... وهى إن كانت تُظهر القليل من هذا الوجع فى لحظات الضعف البشرى الذى يُصيبنا جميعاً عندما نتحمل فوق طاقتنا .. فهى والله تخفى الكثير بداخلها لأنه ليس كل ما يشعر به الإنسان يستطيع أن يبوح به أو يعبر عنه ، تخفى لأنها تعلم جيداً أنها مهما قالت محدش هيفهم ولا حد هيستوعب هى حاسه بإيه ..؟!
وتخفى لأنها تعلم علم اليقين إنها إن تحدثت ربما ستنال قدر من الإستخفاف والمهانة ما يزيد جرحها ويضاعف حرمانها ، وتخفى لأن فى حاجات مينفعش تتطلب أبداً ولإن الحب والأهتمام مش تسول ..
وتخفى لأنها تعلم إنها إن تحدثت سيزداد الطين بله لأنها لن تجنى سوى ألم لمن حولها . إن كان الله أنعم عليها بمن يشعر بها ويقدر آلامها ..
وتخفى وتخفى وتخفى
فهل من العدل أيها الأبناء بعد كل هذا أن نقف على أشياء تافهه بكل ما تحمل الكلمه من معانى .. لنزيد هذا القلب هم ووجع وألم وحزن ..
إنتى بتحبي أخوى أكتر منى ..إنتى بتعاملى أختى أحسن منى ..إنتى عملتى الأكل إلى أبنك بيحبه وأنا لا
إنتى بتضحكى مع بنتك وسيبانى ،
إنتى بتزعقيلى أنا وسايبه بنتك ، إنتى جهزتى أختى أحسن من جهازى ..
إنتى ... وأنتى ... وأنتى
وليس هذا فحسب ، فمنهم من وصل لدرجة التطاول بالألفاظ بل ووصل بعضهم وأعوذ بالله مع الحزن والأسف والوجع الشديد إلى حد الضرب أحيانا ..!!
ويعلم الله أنكم بكل حرف قاسي وبكل موقف جاحد بتزودوا الملح فى الجرح وهى بريئة .. وسيعلم الأبناء هذا عندما يكونوا فى نفس الموقف عندما يصبحوا آباء وأمهات..
فقلب الأم يا أبنائي كالحرم لو كانت تملك من الأبناء ألف لأستوعبهم جميعاً ومنحهم جميعاً نفس القدر من الحب والحنان ، ولكنها بشر !!
من المستحيل أن تكون طوال اليوم فى نفس( المود ) على رأى الناس الهاى مش يمكن لما أخوك كلمها كانت رايقه علشان كده ردت عليه كويس
وبعدها حصل موقف عصبها ودايقها فردت عليك وحش .
مش يمكن لما أختك طلبت أكلة معينة كان معاها تمنها ... ولما أنتى طلبتى
كانت ساعتها مش معاها فلوس . و أكيد كان زعلها لأنها مش هتقدر تفرحك وتحققلك طلبك مش يمكن عيانه ومش عاوزه تشغلكم .. مديونه ومش عاوزه تشيلكم الهم معاها ..
مش يمكن ربنا إبتلاها بمسؤولية أكبر من قوة تحملها ومش قادرة تتكلم .. لأنها شايلة جواها هم كل حاجه تخصكم مهما كانت صغيره أو تافهه ،
الأم أدرى الناس بأولادها مهما كانت درجة إحساس الأخوات ببعض ... فدرجة إحساسها هى أعلى وأصوب وأحن وأرحم .
ليه مش قادرين تحسوا أنكم بالتفاهات دى بتزودوا وجعها وحزنها وهى مش ناقصة .
ليه مصرين أنكم تخلوها ديماً فى حالة دفاع عن نفسها وعماله تدور على مبررات علشان تقنعك إنك غلطان فى إحساسك وأنك أغلى عندها من حياتها نفسها وصعبان عليها إحساسك ده وموجوعة عليك ..
سبحان الخالق من أى شيء خلق هذا القلب...فرحمة به ترفقوا أيها الأبناء ..
والسؤال ...؟!
يا ترى لو تبادلنا الأدوار ، عفواً أقصد القلوب ولكن بكل ما تحمل من حب وحنان وتضحية وأيضاً من ألم ووجع وجراح ..
يا ترى الأبناء هيوافقوا !؟
لا أظن
فشوية رحمه وشوية تقدير من فضلكم (حنانيكم بقلوب أمهاتكم )
وأخيراً كما وجهت عتابي لمن يقسو .. فمن العدل أن أضع قبلة تقدير وإحترام
لكل إبن وأبنه عرفوا المعنى الحقيقى للبر وجسدوه على أجمل صورة له .
تنحوا عن الصغائر والتمسوا لأمهاتهم 1000 عذر ، فتحية لهم لأنهم يبتغون الجنه التى تحت أقدام أمهاتهم ..ويعملون بوصية رسول الله صل الله عليه وسلم...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟
قَالَ : أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ ؟
قَالَ أَبُوكَ)
وقال الله تعالى فى كتابه العزيز
(وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡـٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا ) النساء 36
(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [الأنعام :151]
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) الإسراء 23: 24
وقوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً) [العنكبوت:8] وقوله تعالى
: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) لقمان : 14
(وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) الأحقاف: 15
صدق الله العظيم...
وكل عام وكل أم بألف خير وصحة وسلامة
ويارب أرحم أمى وكل أمهات المسلمين وأجعلهم من أهل الجنه من غير سابقة حساب ولاعذاب يارب العالمين...
والسلام ...