بقلم: أسماء مالك – مدير مكتب أسوان
في الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو، نلقي نظرة على أبرز التحولات والإنجازات التي شهدتها مصر منذ عام 2013 وحتى اليوم. قراءة تحليلية شاملة.
اكتشف كيف أعادت ثورة يونيو في مصر بناء الدولة، وقضت على نفوذ الإخوان، ومهدت الطريق لإنجازات الرئيس السيسي نحو الجمهورية الجديدة.
تحليل شامل للأسباب والنتائج والمكتسبات.
تعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013 نقطة تحول حاسمة في تاريخ مصر الحديث، لم تكن مجرد انتفاضة شعبية عابرة، بل كانت تعبيرًا صادقًا عن إرادة أمة رفضت الانحراف عن مسارها الوطني، واستعادت هويتها الأصيلة. فبعد عام واحد من حكم جماعة الإخوان المسلمين، وجدت مصر نفسها أمام تحديات غير مسبوقة هددت استقرارها ووحدتها النسيجية.
لقد شهدت تلك الفترة تدهورًا في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ومحاولات حثيثة لأخونة مؤسسات الدولة، مما أثار غضبًا شعبيًا عارمًا بلغ ذروته في خروج الملايين إلى الشوارع والميادين مطالبين بتصحيح المسار واستعادة الدولة المصرية لمكانتها الطبيعية.
أسباب ثورة 30 يونيو ونتائجها المباشرة
لم تكن ثورة 30 يونيو وليدة اللحظة، بل كانت تتويجًا لسلسلة من الأخطاء والتجاوزات التي ارتكبتها جماعة الإخوان المسلمين خلال فترة حكمها القصيرة. فمنذ تولي الرئيس الأسبق محمد مرسي الحكم في يونيو 2012، بدأت ملامح التدهور تظهر بوضوح على الساحة المصرية.
تمثلت الأسباب الرئيسية لاندلاع الثورة في :
فشل الإخوان في إدارة البلاد:
شهدت الفترة تدهورًا اقتصاديًا حادًا، وارتفاعًا في الأسعار، ونقصًا في السلع الأساسية، مما أثر سلبًا على حياة المواطنين.
محاولات أخونة الدولة:
سعت الجماعة إلى السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها، وتعيين الموالين لها في المناصب الحيوية، مما أثار مخاوف واسعة بشأن تسييس الدولة وفقدان هويتها الوطنية.
الإعلان الدستوري المكمل:
أصدر الرئيس مرسي إعلانًا دستوريًا في نوفمبر 2012 حصّن قراراته من الطعن القضائي، مما اعتبره الكثيرون محاولة للاستئثار بالسلطة وتقويض استقلال القضاء.
الاستقطاب السياسي والاجتماعي: أدت سياسات الإخوان إلى تعميق الانقسامات في المجتمع المصري، وزيادة حدة الاستقطاب بين المؤيدين والمعارضين.
في ظل هذه الأجواء المشحونة، خرجت جموع الشعب المصري في 30 يونيو 2013 في مظاهرات حاشدة غير مسبوقة، مطالبة برحيل حكم الإخوان. وقد لعبت القوات المسلحة المصرية دورًا محوريًا في حماية الثورة والاستجابة لمطالب الشعب.
ففي 3 يوليو 2013، أعلن الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، خارطة طريق للمستقبل تضمنت عزل محمد مرسي، وتسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
كانت النتائج المباشرة لثورة 30 يونيو هي استعادة الدولة المصرية لمؤسساتها، وبدء مرحلة جديدة من البناء والتنمية، بعد أن تم إنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين التي فشلت في تحقيق تطلعات الشعب المصري.
القضاء على نفوذ الإخوان المسلمين بعد ثورة 30 يونيو
بعد ثورة 30 يونيو، اتخذت الدولة المصرية خطوات حاسمة للقضاء على نفوذ جماعة الإخوان المسلمين، التي اعتبرتها تهديدًا للأمن القومي والاستقرار المجتمعي.
ففي نهاية عام 2013، تم تصنيف الجماعة كـ 'تنظيم إرهابي' ، تبع ذلك إصدار أحكام قضائية نهائية بإعدام عدد من قياداتها، وتضييق الخناق على أنشطتها في الداخل والخارج .
تضمنت هذه الإجراءات:التصنيف كتنظيم إرهابي:
بناءً على قانون سُن في عام 2014، تم وضع الجماعة وعدد كبير من قادتها في قوائم الكيانات والشخصيات الإرهابية، مما أتاح للدولة اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضدها .
الأحكام القضائية:
صدرت أحكام قضائية مختلفة، بما في ذلك أحكام بالإعدام، ضد قيادات بارزة في الجماعة، مثل عبد الرحمن البر وصفوت حجازي ومحمد البلتاجي وأسامة ياسين وأحمد عارف، في قضايا تتعلق بأحداث العنف التي أعقبت الثورة، مثل اعتصام ميدان رابعة العدوية .
تضييق الخناق على الأنشطة:
تم تجميد الأصول المالية للجماعة، وإغلاق القنوات الإعلامية التابعة لها، وتضييق الخناق على أنشطتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، سواء داخل مصر أو في بعض الدول العربية التي كانت تستضيف عناصرها .
تهدف هذه الإجراءات إلى تفكيك البنية التنظيمية للجماعة، ومنعها من ممارسة أي أنشطة تهدد الأمن والاستقرار، واستعادة الدولة لسيطرتها الكاملة على جميع مؤسساتها، وتأكيد سيادة القانون.
مكتسبات ثورة 30 يونيو والإنجازات في عهد الرئيس السيسى
منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في عام 2014، شهدت مصر طفرة تنموية غير مسبوقة في مختلف القطاعات، تجسدت في العديد من المكتسبات والإنجازات التي أعادت لمصر مكانتها الإقليمية والدولية، ووضعتها على طريق الجمهورية الجديدة .
الاستقرار السياسي والأمني:
كانت استعادة الأمن والاستقرار على رأس أولويات القيادة السياسية. فبعد سنوات من الاضطرابات، نجحت الدولة في فرض سيطرتها على الأوضاع الأمنية، ومكافحة الإرهاب الذي استهدف زعزعة استقرار البلاد. وقد ساهم ذلك في تهيئة المناخ المناسب للتنمية وجذب الاستثمارات.
المشاريع القومية الكبرى:
أطلقت الدولة المصرية عددًا ضخمًا من المشاريع القومية العملاقة التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية وتحقيق التنمية الشاملة. من أبرز هذه المشاريع:
العاصمة الإدارية الجديدة:
مشروع ضخم يهدف إلى إنشاء عاصمة إدارية حديثة لمصر، تضم مقرات الوزارات والجهات الحكومية، ومناطق سكنية وتجارية، وتعتبر نقلة نوعية في التخطيط العمراني.
قناة السويس الجديدة:
مشروع توسعة وتعميق لمجرى قناة السويس، ساهم في زيادة القدرة الاستيعابية للقناة، وتعزيز مكانة مصر كمركز لوجستي عالمي.•شبكة الطرق والكباري: تم إنشاء وتطوير آلاف الكيلومترات من الطرق والكباري الحديثة، مما ساهم في تسهيل حركة التجارة والنقل، وربط مختلف أنحاء الجمهورية.
مشروعات الإسكان الاجتماعي:
توفير ملايين الوحدات السكنية لمحدودي الدخل، بهدف توفير سكن كريم للمواطنين.
مشروعات الطاقة:
تنوع مصادر الطاقة، وإنشاء محطات كهرباء عملاقة، ومشروعات للطاقة المتجددة، مما حقق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء وساهم في تصدير الفائض.
التنمية الاقتصادية في مصر:
تبنت الحكومة المصرية برنامجًا طموحًا للإصلاح الاقتصادي، شمل تحرير سعر الصرف، وإصلاح الدعم، وتطوير بيئة الاستثمار. وقد ساهمت هذه الإصلاحات في تعزيز النمو الاقتصادي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية .
كما شهدت قطاعات مثل الزراعة والصناعة والسياحة تطورًا ملحوظًا، مما ساهم في توفير فرص عمل وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
الإصلاحات الاجتماعية ومبادرة حياة كريمة:
لم تقتصر الإنجازات على الجانب الاقتصادي والعمراني، بل امتدت لتشمل الجانب الاجتماعي من خلال إطلاق العديد من المبادرات الرئاسية التي تستهدف تحسين جودة حياة المواطنين. من أبرزها مبادرة "حياة كريمة" التي تهدف إلى تطوير الريف المصري، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين في القرى الأكثر احتياجًا. كما تم التركيز على تمكين الشباب والمرأة، وتوفير فرص التعليم والتدريب، وتعزيز الرعاية الصحية .
السياسة الخارجية ودور مصر الإقليمي:
استعادت مصر في عهد الرئيس السيسي دورها الريادي على الساحتين الإقليمية والدولية. فقد شهدت السياسة الخارجية المصرية نشاطًا مكثفًا، تمثل في تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، والمشاركة الفاعلة في حل الأزمات الإقليمية والدولية، والدفاع عن المصالح العربية والإفريقية. وقد ساهم ذلك في استعادة مكانة مصر وثقلها السياسي على الساحة العالمية.